عدسة توثق الجمال والبطولة: المصورون بين الفن والواجب الوطني
تقرير: إسماعيل حيدر
بين لحظة هاربة وصورة خالدة، يقف المصور حاملًا كاميرته ليوثق الجمال والحقيقة، ويصنع من لحظاتنا اليومية مشاهد لا تُنسى. من صور الأعراس والطبيعة إلى توثيق المعارك والانتصارات، كانت العدسة دائمًا حاضرة لتروي الحكاية وتؤرخ الزمن.
فن يتجاوز الصورة
في ألبومات الذكريات، تحتفظ العائلات بصور تُعيد إليهم مشاهد من الماضي السعيد، وغالبًا ما تكون تلك الصور نتاج موهبة فنية لمصورٍ استطاع أن يجعل من اللحظة لوحة فنية متكاملة. ولا يقتصر إبداع المصورين على الفوتوغراف، بل يمتد إلى الفيديو والإخراج، حيث يشكّلون مع المخرجين ثنائيات تنسج الصورة بمشاعرها وتفاصيلها.
في الحرب ضد داعش، لم يتخل المصورون عن دورهم، بل كانوا في الخطوط الأمامية يوثقون الانتصارات رغم الخطر، ليسجلوا للتاريخ بطولةً سُطّرت بالدم والعدسة. بعضهم قضى شهيدًا وهو يحمل كاميرته، مؤمنًا بأن الحقيقة يجب أن تُرى.
من الهواية إلى الاحتراف
يقول الدكتور أحمد خليل: "كنت منذ طفولتي أعشق التصوير، أحمل الكاميرا أينما ذهبت، أوثق الطبيعة واللحظات الجميلة. ومع دخولي إلى كلية الفنون وتعلمي أساسيات التصوير، تطورت موهبتي وشاركت في معارض فوتوغرافية عدة، حصلت من خلالها على جوائز جعلتني أؤمن أن الدراسة النظرية لا تقل أهمية عن الممارسة العملية".
حين يتحوّل الشغف إلى مهنة
المصور المحترف سلام شايع، نادرًا ما يُرى من دون كاميرته، يقول: "والدي هو الفنان قاسم شايع، وكان يردد دائمًا أن عمل المخرج لا يكتمل إلا بمصور متميز. هذه الكلمات أثّرت بي، وجعلتني أسعى للتميز. اليوم، أصبحت الكاميرا مصدر رزقي، أعمل في الإنتاجات الدرامية والبرامج مثل (حب في قرية) و(حناجر صدحت)، إضافة إلى عملي في مؤسسات إعلامية".
ويتابع: "رغم تطور الكاميرات وسهولة العمل، إلا أن اللمسة الفنية للمصور تبقى الأساس. فالموهبة لا يمكن استبدالها بتقنية مهما كانت دقيقة".
الشهيد المصور... عدسة على خط النار
"خرجت أحمل في يد أكفاني وفي الأخرى كاميرتي"، هكذا يروي الشهيد كريم المصور قصته. "قلت لأمي وزوجتي إنني ذاهب لتوثيق معارك البطولة، وما تعلمته لن أبخل به على وطني. في الساتر الأمامي، لم أكن فقط مصورًا، بل جنديًا أوصل العتاد وساعد زملائي، وعندما تنفد بطارية الكاميرا، كنت ألجأ لهاتفي لأوثق اللحظة. لم تكن المعركة فقط بالسلاح، بل بالصورة أيضًا".
الاحتراف ليس بالأداة وحدها
الهاوية تغريد علي، التي خاضت تجارب تصوير عديدة، تقول: "عملت مع مصورين يملكون معدات متقدمة لكن تنقصهم الخبرة. حتى التقيت بمصور محترف جعل من حياتي صورًا تنطق بالجمال. عرفت أن التصوير ليس ضغطة زر، بل هو إحساس وفن وتعب على كل لقطة".
أول صورة في العالم... وبداية الحكاية
في عام 1826، التُقطت أول صورة فوتوغرافية في العالم بعدسة العالم الفرنسي جوزيف نيبس، من نافذة منزله، وتُعرض نسختها الأصلية اليوم في جامعة تكساس. ومن تلك اللحظة، تطورت آلة التصوير حتى وصلت إلى تقنيات الـ4K والـFull HD، لكنها رغم كل هذا التطور، تظل بحاجة إلى عين مبدعة ترى الجمال قبل أن تلتقطه.
---
خاتمة: في كل صورة حكاية، وفي كل مصور روح تسكن العدسة. يبقى الفن الفوتوغرافي مرآةً للزمن، يروي ما عجزت الكلمات عن وصفه، ويحفظ ما قد يُنسى لولا عيون المبدعين الذين اختاروا الكاميرا أداةً للتوثيق، ووسيلةً للتعبير.
